رواية الضحية والماضي الفصل الأول 1 بقلم غرام سامح – مدونة كامو


رواية الضحية والماضي الفصل الأول 1 بقلم غرام سامح

رواية الضحية والماضي الجزء الأول

رواية الضحية والماضي البارت الأول

الضحية والماضي
الضحية والماضي

رواية الضحية والماضي الحلقة الأولى

اريد ان ابكي حتي ياخذني المطاف مميته
………………………….°°°°°°°°°°………………………………..
كان العسكري يمسك بيد فيروز بعنفٍ بالغ، يجرها وراءه كأنها قطعة من الخشب، وكل خطوة كانت تزيد من ألمها في قلبها. عيونها تغرق في الدموع، ولكن صمتها كان أبلغ من كلماتها. ثم فجأة، انفجر في وجهها:
“بتعيطي ليه؟! احنا مش ماسكينك في كافيه، دي شقة، ياروح أمك!”
كان الصوت صاخبًا، والتهديد يملأه. وفي قلبها، كان الخوف يتسرب كسمٍ بطيء. فيروز رفعت رأسها قليلًا، وحاولت أن تتمالك نفسها، لكن الألم كان أكبر من أن تحتمله.
“والله العظيم، إنت يا عمو ظالميني!”
قالتها بصوتٍ مكسور، وكأنها تقولها لنفسها أكثر من غيرها.
نظرت إلى الجالسين حولها، لكنهم كانوا جميعًا ينظرون بعينين باردتين، لا يتفاعلون معها وكأنهم لا يرون معاناتها. كأنها تختنق في بحر من الصمت، لا أحد ينقذها.
“قوليلهم يا طنط إني بريئة! قوليلهم إني مكنتش معاكي، والله العظيم أنا مكنتش هنا!” صرخت، ولكن الصوت الذي خرج منها كان ضعيفًا، كأنه يتلاشى في الهواء.
أم إسماعيل، التي كانت تقف على مسافةٍ قريبة، لم تبدِ أي رد فعل واضح، وتراوحت نظراتها بين العسكري وفيروز بحيرة. كانت تعرف أن القول لا ينفع في مثل هذه المواقف، لكن الخوف كان يسيطر عليها.
“أقول إيه؟” قالت، والقلق يلوح في صوتها، “مش هيطلعوكي غير لما يعملوا تحريات عنا كلنا…
فيروز شعرت وكأن كل شيء ينهار من حولها، وكأن قلبها يقتلع من صدرها. لكن العسكري، الذي بدأ يقترب من الباب، نظر إليها بنظرة قاسية، وأجاب بصوتٍ حاد، تكاد الكلمات تقطع الأمل:
“عرفتي؟ ياريت تسكتي بقى.”
اللحظة كانت مليئة بالتوتر، وذهن فيروز كان يسبح في دوامة من الأسئلة. هل سيكون هذا هو مصيرها؟ هل سيكون العذاب هو الجواب الوحيد في هذه الدنيا؟ كان قلبها ينبض بسرعةٍ متسارعة، لكن لا شيء كان يغير من واقعها المرير.
وهمس الصوت الداخلي في أعماقها: “هل هناك أمل في النجاة؟”
لكن كل شيء كان يشير إلى أن الأمل قد أصبح بعيدًا جدًا، وكل ما تبقى هو تلك اللحظة التي قد تغير حياتها إلى الأبد
………………………….°°°°°……………………………
سمر جلست على الأريكة، وهي تمسح دموعها الزائفة بمنديل ورقي، وكأن حزنها يغطي على خبثٍ دفين. التقطت هاتفها بسرعة من الطاولة، وضغطت الرقم الذي تحفظه عن ظهر قلب. انتظرت للحظة، ثم جاءها صوته غاضبًا:
“ألو؟ عايزة إيه دلوقتي؟”
سمر بصوت متقطع مليء بالدموع:
“الحقني يا رشدي! بنتك… البوليس كانوا عند جيرانّا في الشقة اللي تحت، وقبضوا عليها!”
تجمد رشدي في مكانه، وكأن صاعقة ضربته فجأة. أمسك الهاتف بقوة، وصاح بصوت عالي لكنه محمل بالغضب:
“إنتِ بتقولي إيه؟ بنتي؟ إيه اللي ودّاها هناك؟”
“سمر”بصوت يرتجف وممزوج بدموع مفتعلة:
“والله ما أعرف يا رشدي! أنا كنت قايلالها تنزل تجيب طلبات، فجأة لقيت الشرطة طالعة ومعاها بنتك… اتاري الشقة دي… شقة دعارة!”
ارتفع صوته في الهاتف، كأنه يحاول تمالك نفسه لكنه فشل:
“منكم لله! ديما حياتي نكد وفضايح بسببكوا!”
أغلق الهاتف بعنف، وكأن صوته المرتفع تحطم مع زجاج الشاشة. رماه على الطاولة بجانبه، ثم مرر يديه على وجهه، محاولًا استيعاب الصدمة.
إلى جانبه، كانت زوزو، فتاة الليل التي طالما اعتادت علي هذا المشهد، تستلقي على السرير، متظاهرة بعدم الاكتراث. همست بصوت ناعم، مليء بالدلال المصطنع:
“مالك بس يا روري؟ إيه اللي مخليك معصب كده؟”
رفع رشدي عينيه نحوها، ثم أطلق ضحكة ساخرة، نصفها غضب ونصفها استهزاء:
“قاعد جنبك هنا والنار مولعة في بيتي!”
اقتربت منه ببطء، وهي تضع يدها على كتفه:
“ما تطلقها وتتجوزني؟ وأنا أريحك من كل الهم ده!”
نظر إليها برهة، ثم انفجر ضاحكًا بمرارة. وقف من مكانه، وهو يرتدي قميصه ببطء، وألقى نظرة ساخرة نحوها:
“إنتي فاكرة رشدي الصاوي ممكن يتجوز واحدة زيك؟ رقاصة؟”
تبدلت نظرة زوزو من الدلال إلى غضب مكتوم. وقفت على السرير، رافعة حاجبيها بحدة:
“وإيه يعني؟ مراتك اللي في البيت مش بنت عز، ولا حتى شكلها حلو!”
اقترب منها بسرعة، أمسك بشعرها بعنف، وجذبها نحوه. نظرت إليه بصدمة، وهي تحاول تحرير خصلاتها من قبضته، لكنه شدها أكثر.
“إنتي نزوة، فاهمة؟ نزوة وبس. ولا في يوم هتفكري تكوني أكتر من كده في حياتي.”
ترك خصلاتها أخيرًا، فتراجعت خطوة للخلف، وهي تمسك برأسها وتحدق به بغضب. نظر إليها بنظرات مملوءة بالغرور، ثم أكمل ارتداء قميصه، وأردف ببرود:
“أنا مش فاضي لي لت النسوان بتاعك دا دلوقتي. عندي شغل أهم.”
“زوزو” بصوت مرتعش من الغضب:
“في داهية.”
خرج رشدي من الغرفة، تاركًا الباب ينغلق خلفه بعنف، بينما وقفت زوزو في مكانها، ترتجف بين الغضب والإهانة.
………………………….°°°°°……………………………
روايات بقلم Ǵhràm Şåmëh
كانت القاعة تضج بالهمسات المتوترة، كأن الهواء مشحون بأجواء مشحونة من الخوف والتوتر. فجأة، خفتت كل الأصوات عندما اقتحم رجلٌ المكان.
خطواته كانت كالسيف تقطع الصمت، وهيبته تملأ القاعة كأنه سيد المكان. العسكري المنتظر عند الباب انتفض قليلاً عند دخوله، ثم صاح بصوت جاف، خالٍ من التعاطف:
“جالك الموت يا تارك الصلاة!”
فيروز استدارت ببطء نحو مصدر الصوت، عيناها الواسعتان تخترقان الفضاء كأنها تبحث عن نجاة مستحيلة. رغم محاولتها التماسك، كانت يدها ترتعش خفية. همست بصوت مهزوز بالكاد يصل إليه:
“أنا بصلي والله… وبخاف ربنا. مستحيل أعمل حاجة زي كده!”
لكن العسكري لم يعرها اهتمامًا، بل نظر إليها ببرود قاتل وأشاح بوجهه. أردف بلهجة قاسية كالحديد:
“يا حبيبتي، لو طلعتي عند ربنا، هيبقى غفور رحيم. إنما الباشا أسر المنوفي؟ ده مابيرحمش!”
شعرت فيروز كأن كلمات العسكري لطمة تخترق قلبها. حاولت أن تتماسك لكنها لم تستطع منع عينيها من الامتلاء بالدموع. همست وهي تتلفت حولها، وكأنها تتحدث لنفسها أكثر مما تتحدث له:
“منك لله يا سمر… أنا كنت راجعة من المدرسة وطالعة أذاكر.”
قطع صوتها المرتجف صرخة غاضبة من العسكري:
“اسكتي بقى! دوشتيني الله يدوشك!”
من الزاوية، كان والدها رشدي يراقب الموقف. نظراته ملأتها الكراهية والازدراء، كأنه يرى في وجودها لعنة تطارده. اقترب بخطوات غاضبة، وصوته يرتفع كالرعد:
“اضربها! هي السبب في كل البلاوي اللي إحنا فيها!”
التفت العسكري إليه بنظرة حادة ممزوجة بازدراء:
“وإنت تطلع مين بقى؟”
رد رشدي بغضب يفضح إحساسه بالعار:
“أنا؟ أنا اللي جبت النصـ.ـيبه دي على وش الدنيا!”
رغم قسوة الكلمات، كان العسكري يدرك في داخله أن فيروز مختلفة عنهم جميعًا. عيناها البريئتان لم تتماشيا مع الصورة التي يحاول الجميع رسمها لها. لكنه كعادته، دفن أفكاره خلف قناع البرود. قال بسخرية لاذعة:
“اسمعني كويس… البنت دي مش هتطلع النهارده. في تحريات لسه.”
رشدي لم يتمالك نفسه، اندفع نحو العسكري وصاح بعصبية:
“أنا جايب المحامي معايا! هو اللي هيطلعها!”
تدخل المحامي بنبرة هادئة لكنها متحفظة:
“زي ما قلت لحضرتك، لسه الموضوع تحت التحقيق. مفيش حاجة في إيدي دلوقتي.”
رشدي صرخ بغضب أفقده السيطرة على نفسه:
“أومال أنا جايبك ليه؟!”
وفجأة، رفع يده وصفع فيروز بقوة على وجهها. تراجعت الفتاة للخلف ووضعت يدها على خدها المحمر، دموعها بدأت تتساقط بصمت، لكن عينيها بقيتا مرفوعتين نحوه، كأنها ترجوه أن يتوقف. همست بصوت مخنوق:
“ما عملتش حاجة… والله ما عملت حاجة.”
لكنه لم يستمع. كان الغضب يعميه تمامًا. صرخ بصوت مرتفع:
“إيه اللي نزّلك عند الناس المشبوهة دي؟ ها؟ ماتردي!”
قطع صراخه صوت آخر، عميق وحاد كالسيف:
“إيه الصوت العالي ده؟!”
ساد الصمت القاعة. كل الأنظار التفتت نحو الباب لتجد الضابط أسر المنوفي، يقف بشموخ ونظراته تلتهم الجميع. العسكري وقف منتصبًا في الحال وأدى التحية بتوتر:
“آسف يا باشا.”
أدار الضابط عينيه على الموجودين كالصقر الذي يراقب فريسته. توقف أمام فيروز للحظة، وعيناه تضيّقان كما لو كان يحاول قراءة روحها. ثم قال بصوت مليء بالسخرية:
“بتعيطي على إيه؟ أيامك سودة إن شاء الله!”
فيروز، بصوت يكاد ينكسر:
“والله ما عملت حاجة!”
رد بابتسامة باردة كالجليد:
“الكلام ده تقوليه في النيابة، يا سنيورة.”
وأشار للعسكري:
“دخّلهم واحد ورا التاني!”
العسكري، بإيماءة سريعة:
“حاضر يا أسر باشا!”
بدأ العسكري يدفع المجموعة نحو المكتب. الجميع تحركوا بصمت ثقيل، بعضهم بدا مرعوبًا والبعض الآخر وقف برود. عندما جاء دور فيروز، خطت بخطوات بطيئة، عيناها تمتلئان بالدموع، لكنها تحاول أن تبقى مرفوعة الرأس، تبحث عن مخرجٍ يبدو مستحيلًا.
………………………….°°°°°……………………………
وسط أجواء المنزل الهادئة،دخل شقيقها ياسين، نظراته تحمل مزيجًا من التوتر والجدية، وقال:
“الحقي يا إيمان، صحبتك الكل بيتكلم عليها تحت.”
رفعت إيمان حاجبيها بدهشة كبيرة،و بدات تصرخ بغضب واندهاش:
“إنت بتقول إيه؟ وصحبتي هيكلموا عليها ليه؟”
حاول ياسين السيطرة على حدة الموقف ورد بنبرة تحمل استياءً من اتهامها الضمني:
“أنا مالي يا ست؟ بتزعقيلي ليه؟ أنا جاي أبلغك مش أكتر.”
تنفست إيمان بعمق محاولة أن تهدأ قليلاً، لكنها لم تستطع إخفاء قلقها، وسألت بنبرة متسارعة:
“ومال صحبتي بقى بيتكلموا عليها ليه؟ هي ناقصة؟”
تنهد ياسين وأجاب بصوت متعب:
“عارفة شقة اللي تحتينا؟ طلعت شقة دعـ.ـارة. أنا والله كنت شاكك من زمان، لكن الموضوع اتأكد النهارده.”
تجمدت إيمان مكانها، كأن كلمات ياسين صاعقة أصابتها. نظرت إليه بعينين متسعتين وهي تسأله بشبه صرخة:
“يااا ازاي … طب مال صحبتي بالشقة دي؟”
اقترب ياسين خطوة نحوها، ناظرًا حوله وكأنه يخشى أن يسمعه أحد، وقال بصوت منخفض:
“مش عارف… بس صحبتك كانت جوه الشقة، ولما الظباط دخلوا لقوها معاهم.”
انهارت إيمان على الكرسي القريب، وضعت يدها على رأسها وهي تصرخ غير مصدقة:
“ينهر أبيض! إيه اللي إنت بتقوله ده؟ صحبتي أنا يحصل معاها ده؟ ينهار أبيض! يا ماما! يا بابا! الحقوني!”
ركض والدها طارق إلى الغرفة بعدما سمع صراخها، عينيه مليئتان بالقلق، وسألها بحدة:
“في إيه يا بنتي بتزعقي كده؟ إنتي اتجننتي؟”
لحقت به والدتها مايسة وهي تحمل منشفة على كتفها، وصاحت بغضب:
“في إيه يا بنتي؟ مش هتبطلي خناق إنتي وأخوكي؟”
رفع ياسين يده بإشارة تدل على نفاذ صبره وقال:
“كل حاجة أخوها… أنا نازل.”
خرج سريعًا، بينما جلست إيمان بجانب والدتها، ودفنت وجهها في حضنها وهي تبكي بحرقة. والدتها حاولت تهدئتها وهي تقول:
“فيه إيه يا حبيبتي؟ مالك؟”
نظر إليها والدها نظرة جادة وسألها:
“إيه الحكاية يابنتي اتكلمي.”
مسحت إيمان دموعها وهي تقول بتلعثم:
“الشقة اللي تحتينا…”
قاطعتها والدتها التي بدأت تلاحظ عمق الموقف وقالت بلهفة:
“مالها؟ قولي بسرعة!”
أخذت إيمان نفسًا عميقًا وأكملت بصوت مخنوق:
“الشقة دي طلعت شقة دعـ.ـارة، والظباط دخلوا ولقوا فيروز هناك.”
شهقت والدتها بصوت عالٍ، وضربت كفًا بكف، قائلة:
“طب و فيروز اي الي دخلها الشقه دي!”
انهارت إيمان بالبكاء مجددًا، وأمسكت بوالدتها من كتفيها قائلة:
“أنا عايزة أروح لها يا بابا! لازم أشوفها!”
رد عليها والدها بحزم:
“تروحي فين؟ ده مكان مش بتاعك! أنا اللي هنزل أشوفها بنفسي.”
حاولت إيمان إقناعه بنبرة ترجٍّ:
“وإيه يعني يا بابا؟ خليني أروح معاك. دي فيروز!”
التفتت والدتها إلى طارق وقالت:
“عنده حق… انتي يا ايمان ماينفعش تروحي هناك. خليكِ إنتِ.”
قالت إيمان وهي تشهق من البكاء:
“أنا خايفة عليها أوي يا ماما.”
ربتت مايسة على كتفها وقالت بصوت مهدئ:
“ما تخافيش يا حبيبتي، تعالي نسأل مرات أبوها، يمكن تفهمنا اللي حصل.”
كان طارق واقفًا، عينيه مثقلتان بالحزن والقلق، وهو يقول بهمس أقرب إلى نفسه:
“مش عارف… منه لله أبوها. البنت دي ما تستاهلش كل ده.”
………………………….°°°°°……………………………
“كان جالسًا في مكتبه، غارقًا في أعماله، عندما رن الهاتف فجأة. نظر إلى الشاشة فوجد اسم شقيقته، مما أثار دهشته. رفع السماعة بسرعة، لكن قبل أن يتمكن من نطق كلمة، سمع صوتها مرتجفًا، مملوءًا بالخوف والقلق:
‘الحقني يا أسر!’
توقف قلبه للحظة، وبدون تردد، قال بصوت مليء بالقلق:
‘إيه اللي حصل؟’
لكن، وقبل أن يرد عليها، انقطع الاتصال، ولم يسمع أي جواب. فقط الصمت العميق كان يملأ المكان، وتركه في حالة من الذهول.”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الضحية والماضي)



Source link

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *